تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2018

24 نيسان/أبريل 2018
بيروت، لبنان



كلمة الدكتور محمد على الحكيم
وكيل الأمين العام للأمم المتحدة
والأمين التنفيذي
للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)
 في افتتاح المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2018
بيت الأمم المتحدة، بيروت، لبنان

24-26 نيسان/أبريل 2018
  • معالي الدكتور غطاس خوري، وزير الثقافة في الجمهورية اللبنانية، ممثلاً لدولة رئيس مجلس الوزراء في الجمهورية اللبنانية، السيد سعد الحريري، راعي المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2018
  • معالي الوزير عزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة بالمملكة المغربية،
  • معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور أحمد أبو الغيط، ممثلاً بالمستشارة السيدة ندى العجيزي،
  • السيد لؤي شبانة، نائب رئيس مجموعة الأمم المتحدة للتنمية في المنطقة العربية،
  • أصحاب المعالي والسعادة، 
  • الزملاء والزميلات،
  • الحضور الكريم
يسعدني باسم لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) أن أرحّب بكم جميعاً في بيت الأمم المتحدة في بيروت في افتتاح المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2018.
واسمحوا لي بداية أن أتقدم من دولة الرئيس سعد الحريري بخالص شكري وتقديري على رعايته هذا الحدث الإقليمي الهام ومن خلاله إلى الجمهورية اللبنانية لرئاستها هذه الدورة من المنتدى. وننوه بالخطوات الحثيثة التي تبذلها الحكومة اللبنانية للدفع بعجلة التنمية. وأغتنم هذه الفرصة لتجديد الشكر لرئيس حكومة المملكة المغربية، السيد سعد الدين العثماني، على ترأسه المنتدى العام الماضي ونقدر تجربة المملكة الرائدة في وضع رؤية وطنية وخطط عمل تنموية واضحة الملامح تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.
كما أتوجه بالشكر للأمانة العامة لجامعة الدول العربية وشركائنا في منظومة الأمم المتحدة للتعاون معنا في الإعداد لهذا المنتدى.

الحضور الكريم،
تنظم الإسكوا المنتدى العربي للتنمية المستدامة في ربيع كل سنة، وذلك استجابةً لقرارات لجنتها الوزارية. ولقد أثبت هذا اللقاء الإقليمي نفسه كمنصة جامعة تعكس الإرادة الإقليمية للتعامل مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وإطار مشترك لاستعادة الأمل في المستقبل، ولرسم خارطة طريق لمواجهة التحديات التنموية من منظور تكاملي يراعي الأولويات الوطنية والقضايا العابرة للحدود، ويحفز التعاون بين دول المنطقة لتحقيق الرفاه لمجتمعاتها والاستدامة لثرواتها الطبيعية.

وانطلاقاً من إيماننا بأن التنمية حق للجميع، وأن التنمية المستدامة لا يمكن أن تتحقق من دون التعاون والتعاضد العالمي والإقليمي والوطني، نجتمع اليوم لنناقش بعض أبرز القضايا التي تهم شعوب منطقتنا. وسعياً منا إلى تحقيق الصالح العام لشعوبنا وتأمين مستقبل أفضل للأجيال القادمة، اخترنا "الموارد الطبيعية والأجيال المقبلة والصالح العام" عنواناً لمنتدى هذا العام.

الحضور الكريم،
يضعنا عنوان هذا المنتدى أمام تحدٍ كبيرٍ: كيف يمكن أن نحول استخدامنا وإدارتنا لمواردنا الطبيعية باتجاه الاستدامة والخير والصالح العام؟ وما هي أدوارنا اليوم، مجتمعين في هذا المنتدى، وما هي قدراتنا وفرصنا أيضاً، لدعم مسيرةٍ تحويليةٍ في العالم العربي تماشياً مع احتياجاتنا واحتياجات الأجيال القادمة ومع روح أجندة 2030.
 إن ارتباط الموارد الطبيعية بأبعاد التنمية المستدامة جلي ووثيق. فقد اعتمدت دولنا لسنوات طويلة على استخراج الموارد الطبيعية لدعم النمو الاقتصادي من جهة ولتمويل الخدمات الاجتماعية وتجهيز البنية التحتية من جهة خرى. ولكننا اليوم أمام واقع مختلف، فبعض هذه الموارد محكوم عليه بالزوال، وبعضه مرتبط بتقلبات السوق العالمية، والبعض الآخر بات استخدامه عبئا على البيئة والإنسان.
 
كما أن مواردنا المائية مشتركة عبر الحدود وتشح بصورة مخيفة بسبب الاستخدام المكثف وآثار تغير المناخ والتصحر. ومع ازدياد عدد السكان والهجرة من الريف إلى المدينة، أصبح العديد من مجتمعاتنا يعاني من مشاكل بيئية وصحية وخيمة تتفاقم في ظل الصراعات والنزاعات والحروب والاحتلال.
من خلال هذا المنتدى ومن منبر الإسكوا، نوجه اليوم رسائل واضحة وضرورية لضمان الاستدامة والعدالة والشمولية في عملنا التنموي:
أولاً، لا يمكن تحقيق هذه الأجندة المترابطة الأهداف إلا من خلال نهج دامج وتشاركي. فالتخطيط التنموي السليم يستلزم إدراكاً كاملاً بالترابطات بين الأهداف والمقاصد، ويدعو إلى العمل الأفقي والتنسيق والتعاون بين المؤسسات وكافة الأطراف المعنيين.   
ثانياً، يعتمد مسار التنمية المستدامة في منطقتنا العربية على تمكين جميع الفئات وبالأخص الشباب والنساء. فشبابنا هم ثلث السكان في معظم البلدان والبطالة في صفوفهم هي الأعلى وطموحاتهم وتوقعاتهم هي الأكبر. إذاً هم الخط الفاصل بين نجاحنا أو فشلنا، وانخراطهم في العمل التنموي يرسم خطاً تنموياً يواكب عصرنا ويعالج مشاكله.
أما الفتيات والنساء العربيات، فتواجههن صعوبات تفرضها قوانين تمييزية تحبط قدرتهن على المساهمة الفعلية في الاقتصاد والمجتمع. فلا يمكن تفعيل نهضة حقيقية في مجتمعاتنا العربية إلا بتمكين النساء من دخول ممنهج في سوق العمل وإشراكهن في صنع القرار.
ثالثاً، نحن بحاجة إلى إعادة النظر في أنماط استخدامنا لمواردنا الطبيعية وفي سياساتنا الاقتصادية وتوجيهها نحو أنماط أكثر استدامة.  فالنمو الاقتصادي المعتمد على استنزاف الموارد الطبيعية قد أثبت محدوديته ويهدد أمننا المائي والغذائي وصحة مجتمعاتنا.

الحضور الكريم،
يشكل المنتدى العربي للتنمية المستدامة مساحة للتفكير الجماعي لإيجاد حلول عملية لتحديات منطقتنا. وهو أيضاً فرصة للوقوف عند التقدم الذي أحرزته بلداننا.  فلقد بدأنا نلمس تقدماً ملحوظاً وممارسات مبشرة باتجاه تحقيق ما تصبو إليه بلدان منطقتنا. وحيث دخلت أجندة 2030 في عامها الثالث، لا يسعنا إلا أن نثمّن الجهود التي تبذلها دولنا العربية، على اختلاف ظروفها وأولوياتها، للالتحاق بركب التنمية.
فالمنتدى منبر إقليمي للمتابعة والاستعراض، ومن خلاله تعرض البلدان ملامح تقاريرها الوطنية الطوعية التي تقدمها خلال المنتدى السياسي الرفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة. وننوه هنا باختلاف وتنوع تجارب الدول العربية العشرة التي تطوعت لإجراء عملية الاستعراض ونجحت من خلالها في تحديد أولوياتها وأهدافها الوطنية.

السيدات والسادة
إن التزامنا بخطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهدافها وترجمتها إلى سياسات وبرامج جاء ليعبر عن وعينا المشترك بالصالح العام، وتصميمنا الجماعي على الحد من الفقر واللامساواة وحماية كوكبنا وتأمين مستقبل شبابنا. كما أن الطبيعة الشاملة والمتكاملة لأهداف الخطة تحتم العمل من خلال بناء شراكات عابرة للحدود وشاملة لجميع أفراد المجتمع.
انطلاقاً من الشراكة كمبدأ أساسي، يعكس هذا الحضور الكريم من ممثلين عن الحكومات والبرلمانات والمنظمات الإقليمية والدولية والمجتمع المدني والقطاع خاص والأكاديميين والباحثين والإعلاميين روح الشراكة الحقيقية لبلوغ الهدف الذي يجمعنا: التنمية المستدامة لمنطقتنا العربية.
ونحن في الإسكوا نحرص على تعزيز التعاون مع منظمات الأمم المتحدة العاملة في المنطقة العربية وتفعيل الشراكة مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ونجدد التزامنا بتوفير المعرفة والمشورة والخبرة والدعم على المستويين الوطني والإقليمي.

وإذ نتطلع اليوم إلى هذا الملتقى الهام وإلى الإصغاء إلى الآراء والخبرات والدروس المستخلصة، نأمل أن نتوصل من خلال حوارنا على مدى الأيام الثلاثة المقبلة إلى رسائل وتوصيات تختزل أولويات ومشاغل المنطقة العربية وتوصل
صوتها إلى العالم من خلال المنتدى السياسي الرفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة.

السيدات والسادة، ضيوفنا الكرام،
في الختام أجدد شكري لدولة الرئيس سعد الحريري، رئيس الحكومة اللبنانية على رعايته لهذه الدورة من المنتدى العربي للتنمية المستدامة، ولمعالي الدكتور غطاس خوري، وزير الثقافة على حضوره معنا اليوم، والشكر موصول لجامعة الدول العربية ولكم جميعاً ضيوفاً وشركاء.
أتمنى كل النجاح لهذا الاجتماع ولضيوفنا إقامة طيبة في هذا البلد المضياف الكريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأمين التنفيذي: