Skip to main content

International Day of Solidarity with Palestinian People

29 November 2011



اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني

معالي السيد علاء الدين ترو ممثل دولة رئيس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي،
معالي الدكتور صبري صيدم، مستشار رئيس السلطة الفلسطينية،
أصحاب المعالي والسعادة،
الحضور الكريم،
أرحبُ بكم في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، وأبدأُ بتقديم خالصِ الشكر لدولة رئيس مجلس الوزراء، الأستاذ نجيب ميقاتي، لرعايته جميع أنشطة الإسكوا في هذا اليوم.
تحيي الأمم المتحدة، كلَّ سنة، يومَ التضامن مع الشعب الفلسطيني في التاسع والعشرين من نوفمبر. ومنذ عام 1977، عامَ اتخذت الجمعية العامة قرارَها باعتبار هذا اليوم، يوماً دولياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني، طرأت على العالم تغيّراتٌ جذرية أعادت رسمَ حدود دولِه وكتلِه، وغيَّرت شكلَ الحكم على الصعيد العالمي. ما لم يتغير منذ ذلك الحين، هو استمرارُ حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه غير القابلة للتصرف ومنها حقُهُ في العودة إلى دياره وحقُهُ في الاستقلال والسيادة الوطنية في وطنه فلسطين.
وفي الوقت الذي يُعلِنُ فيه قادة الدول تمسُّكَهم بضرورة احترام حقوق الإنسان، تتمادى إسرائيل في انتهاكِ حقوق الفلسطينيين. فتُمعِنُ في أعمال القتل، والتعذيب، والتوقيف التعسفي، ومصادرة الأراضي، وهدم منازل الفلسطينيين في إطار سياسة تهدف إلى طردهم من أرضهم وإحلال المستوطنين الإسرائيليين محلهم.
وتستمر إسرائيل في سياستها الرامية إلى تهويد القدس وتهجير سكانها من غير اليهود، حيث صادرت منذ عام 1968، ثلاثةً وعشرين مليون متر مربع من الأراضي الفلسطينية في القدس الشرقية. وما زال الفلسطينيون يُمنَعون من دخول القدس المحتلة إلا بإذن خاص، وما زالت إسرائيل تضع قيوداً صارمة على الفلسطينيين لمنعهم من البناء في المدينة، وتُقرر مَن يحقُ له الصلاة في المسجد الأقصى المبارك أو في كنيسة القيامة.
وتستمر إسرائيل أيضاً في توسيع رقعة الاستيطان حتى بلغَ عدد المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة أكثرَ من نصف مليون مستوطن إسرائيلي يقطنون في أكثر من مائتين وثلاثين مستعمرة، وذلك في خرق واضح لاتفاقية جنيف لحماية المدنيين وقت الحرب والتي تَحظُر على السلطة القائمة بالاحتلال نقل سكانها إلى الأراضي المحتلة. وفي مزيد من الإمعان في خرق القوانين الدولية، والأعراف الأخلاقية، تقوم إسرائيل بمصادرة أراض فلسطينية لتشييد طرق خاصة بالمستوطنين، يُمنع الفلسطينيون من استخدامها، في نظام بات يحاكي نظامَ الفصل العنصري المدان عالمياً.
كما تستمر إسرائيل في استغلال الموارد الطبيعية الفلسطينية لصالح المستوطنين وسكان المدن الإسرائيلية، وتَحرم منها أصحابَ الحق الأصليين. ولا تكتفي إسرائيل بالاستحواذ على المياه الفلسطينية، بل تلقي سنوياً ما يزيد على 40 مليون متر مكعب من المياه العادمة والنفايات الصلبة في الأراضي الفلسطينية، وذلك في انتهاك صارخ لحق الفلسطينيين في التمتع بالأمن البيئي على أرضهم.
وشهدت السنوات الأخيرة زيادة ً كبيرة في أعمال العنف التي يمارسُها المستوطنون الإسرائيليون ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتِهم، ضد كنائسِهم ومساجِدِهم، ومرافقِهم التعليمية والصحية، وأراضيهم ومحاصيلهم الزراعية. وقد ابتدع المستوطنون هذا العام سياسة جديدة، أسمَوها "سياسة بطاقة السعر"؛ فكلما غَضِبَ مستوطنٌ من حكومته يَصُبُّ جَمَّ غضبه على الفلسطينيين وممتلكاتهم.
وفي قطاع غزة المحتل، تستمر إسرائيل في حصارها الذي هو عقوبةٌ جماعية على مليون ونصف المليون فلسطيني، ويتدهور الأمن الغذائي، وتشِحُّ المواد والمعدات الطبية، ويتزايد الفقر والبطالة.
الحضور الكريم،
تنتهك إسرائيل بلا رادع ما يزيد على ثلاثمائة قرارٍ دولي، يدعوها إلى احترام المواثيق والأعراف الدولية، ويؤكد على عدم شرعية المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويَدين الممارسات العنصرية وأعمال التغيير الديمغرافي، ويطالبها بالانسحاب من جميع الأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967.
كلُّ ذلك والشعبُ الفلسطيني، رغم معاناته تحت الاحتلال وفي مخيمات اللاجئين، لم يتعب من الصمود. لم تضعف إرادتُه ولا عزيمتُه. لم يتخلَّ عن حقه في أرضه وهويته. أطفالُه يبتكرون كلّ يوم سبلاً جديدة للبقاء، يُقبلون على العلوم والمعارف، يُنشدون جيلاً بعد جيل، كما سمعناهم اليوم:
نحنا أطفال الصمود ربينا على حب الأرض
من حقي يكون لي وطن
من حقي أرجع عالقدس
يشتاقون إلى مدينة لم يرَوها، لم يسكنوها، بل هي تسكُنُهم. انتقلت إليهم عبر حكايات الأجداد. يرسمون لها صوراً جميلة في كتبهم المدرسية. يرحلون إليها في أحلامهم البريئة.
بماذا نجيب هؤلاءِ الأطفال عندما يسألون، وقد طالت المعاناة وتعدّدت فصولُها،
شو ذنب الطفولة حتى نحن نقاسي
والعالم ناسينا أو يمكن متناسي
للأسف رغم اعتراف معظم دول العالم بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم، تضغط إسرائيل على حلفائها لمنع قُبول فلسطين عضواً في الأمم المتحدة. ويَنسى هؤلاء أو يحلو لهم أن يتناسوا أن من أهم الغايات التي أُنشئت من أجلها هذه المنظمة، توفيرَ السبل والأطر السلمية لحل النزاعات، كي لا يعود العالم إلى الصراعات الهمجية التي سادت قبل إنشائها. فكيف يوصد في وجه الفلسطينيين بابَ المنظمة التي يجب أن تكون الملاذَ الأول والأخير لحل الصراعات.
الحضور الكريم،
هذا العام يحلّ يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني والمنطقة العربية تشهد صحوةً جماهيريةً جامحة. رياحُ التغيير تهبّ على المنطقة من كل ناحية. الحركاتُ الشعبية والانتفاضات تنتقل من عاصمةٍ إلى أخرى مطالبةً بالحرية والكرامة والعدالة. والنداءاتُ من الخارج لا تتوقف، تتعالى مطالبةً الأنظمةَ العربية بالرضوخ لإرادة شعوبها، وباحترام حقوق الإنسان.
ماذا نقولُ للشباب الفلسطينيين عندما يطالبون بحقوقهم، بالحرية والكرامة، أسوةً بغيرهم من الشباب العرب؟ أو عندما يطالبون بحقهم في أن يكون لهم وطن يتمتعون فيه بأبسط مقوّمات العيش الكريم؟
أقولُ لهم اليومَ إنكم لستم أقلَّ جدارةً أو استحقاقاً من البشرية جمعاء. الإعلانُ العالمي لحقوق الإنسان ينطبق عليكم كما على سواكم. تذكروا أن أهم ما قام عليه هذا الإعلان هو الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة كأساس للحرية والعدل والسلام في العالم. لم يستثن هذا الإعلان أطفال فلسطين. مخطئٌ أو واهم من يعتقد أنه يستطيع الاستمرار في استثناء فلسطين من الحقوق، واستثناء إسرائيل من واجب الالتزام بالقانون الدولي.
الحضور الكريم،
التاريخُ حافلٌ بالقصص عن استعمار الدول والشعوب، وجميعُها انتهت. بقي آخرُ الاحتلالات في فلسطين. وهو أيضاً سينتهي. فما من احتلال يدوم إلى الأبد.
في يوم التضامن هذا لا نملكُ سوى تجديدِ التزامِنا بالسلام الدائم، بالحل العادل الذي يستند إلى الشرعية الدولية، ويعترف للفلسطينيين بالحق في وطنٍ ودولةٍ ذاتِ سيادة في فلسطين، يعيشون في كنفها بحرية وكرامة، وفيها يتطلّعون إلى بناء مستقبلٍ لأطفالهم، في مأمن من الجوع والخوف والقهر.
وشكراً لكم

Speeches by: